العِلْمُ مُذْ كان محتاجٌ إلى العَلَمِ … وشَفْرَةُ السَّيفِ تستغني عن القَلَمِ
وخير وصْفِكَ إنْ غامرتَ في شَرَفٍ … عزمٌ يفرِّقُ بين السَّاقِ والقَدَمِ
إنَّ المعالي عروسٌ غير راضيةٍ … إنْ لم تخلِّقْ رداياها برَشْحِ دَمِ
كم يترك البيض في الأجفان ظامئةً … إلى الموارِدِ في الأعناق والقِمَمِ
ومُقلَةُ المَجْدِ نحو العِزِّ شاخِصةٌ … فاتركْ قعودَك عن حوماتها وقُم
أمامَكَ الفَتْحُ من شامٍ ومن يَمَنٍ … فلا تَرُدَّ رؤوسَ الخيل باللُّجُمِ
فعمُّك الملك المنصور سوَّمها … من الفرات إلى مِصْرٍ بلا سأمِ
هذا ابنُ تُومَرْتَ قد كانت بدايتُهُ … كما يقولُ الورى لحمًا على وَضَمِ
قد كان أوَّل هذا الدِّين من رَجُلٍ … سعى إلى أن دَعوه سيِّدَ الأُمَمِ
قال العماد [الكاتب في "الخريدة"] (١): اتفقتْ لعمارة اتفاقاتٌ عجيبة، منها أنَّه نُسِبَ إليه قولُ هذا البيت، فكان أحدَ أسباب قَتْله، ويجوز أن يكون معمولًا عليه، ثم قال: فَقُطِعَ الطريق على عُمارة، واعتيض بخرابة عن العِمارة، فأفتى فقهاءُ مِصْر بقتله، وحرَّضوا السُّلْطان على المُثْلة بمِثْله (٢).
ثم قال عمارة: [من البسيط]
وما رضيتُ بوَجْهي أنْ أجودَ به … على بخيلٍ ولا استسمنت ذا وَرَم
حاشا عوائدك الحُسْنى تنامُ لها … أجفانُ عينٍ وعينُ الله لم تَنَمِ
من أبيات.
ذكر مقتله: واختلفوا فيه على أقوال، [أحدها] (١) أنَّ سببه قوله هذا البيت، وكان في قلب صلاح الدين منه، لأنَّه نُقل إليه عنه أنَّه سعى في الدولة، [وسنذكره] (١).
والثَّاني: أنه رثى أهل القَصْر بمرثية عرَّض فيها بصلاح الدِّين، فقال: [من البسيط]
رميت يا دَهرُ كفَّ المَجْدِ بالشَّلَلِ … وجِيدَه بعد حُسْن الحَلْي بالعَطَلِ
سَعَيتَ في منهج الرأي العثور فإنْ … قَدَرْتَ من عَثَرَات السَّعْي فاسْتَقِلِ
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) "الخريدة" قسم شعراء الشام: ٣/ ١٠٤.