في التعظيم أو كان الحالف متضمنًا كفرًا أو فسقًا، وسيأتي الكلام على من يكفر بحلفه.
قال في الفتح (١): وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله ففيه جوابان:
(أحدهما): أن فيه حذفًا، والتقدير: ورب الشمس ونحوه.
(والثاني): أن ذلك ذلك يختصُّ بالله، فإذا أراد تعظيم شيءٍ من مخلوقاته أقسم به، وليس لغيره ذلك.
وأما ما وقع مما يخالف ذلك كقوله ﷺ للأعرابي:"أفلح وأبيه إن صدق"(٢)، فقد أجيب عنه بأجوبة:
(الأوّل): الطعن في صحة هذه اللفظة، كما قال ابن عبد البرّ (٣): إنها غير محفوظة، وزعم أن أصل الرواية:"أفلح والله" فصحفها بعضهم.
(والثاني): أنّ ذلك كان يقع من العرب ويجري على ألسنتهم من دون قصد للقسم، والنهي إنما ورد في حقّ من قصد حقيقة الحلف، قاله البيهقي (٤).
وقال النووي (٥): إنه الجواب المرضي.
(والثالث): أنه كان يقع في كلامهم على وجهين للتعظيم والتأكيد، والنهي إنما وقع عن الأوّل.
(والرابع): أن ذلك كان جائزًا ثم نسخ، قاله الماوردي (٦)، وقال السهيلي (٧): أكثر الشرّاح عليه.
= بلفظ: "من حلف باللّات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله". ولا ريب أن الإنسان إنما يحلف بما هو عظيمٌ عنده، ولهذا أمر ﷺ الحالف أن يحلف بالله أو ليصمت، فمن حلف باللّات والعزّى كان معظمًا لها، ومن عظمها كفر، ومن كفر لم يرجع إلى الإسلام إلا بكلمة الإسلام، وهي: لا إله إلا الله". اهـ. (١) فتح الباري (١١/ ٥٣٣). (٢) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٩/ ١١) وأبو داود رقم (٣٩٢) وهو حديث شاذ بذكر "وأبيه". (٣) في "التمهيد" (١٠/ ٢٤٢). (٤) في السنن الكبرى (١٠/ ٢٩). (٥) كما في "البيان" للعمراني (١٠/ ٤٩٤). (٦) الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٢). (٧) كما في "الفتح" (١١/ ٥٣٤).