غيره فلا تسمى خمرًا ولا يتناولها اسمُ الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب والسنة الصحيحة وللصحابة؛ لأنهم لما نزل تحريم الخمر، فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كلِّ مسكرٍ، ولم يفرِّقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره، بل سوّوا بينهما، وحرموا كلَّ نوعٍ منهما، ولم يتوقفوا ولا استفصلوا، ولم يُشْكِلْ عليهم شيء من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن.
فلو كان عندهم فيه تردد؛ لتوقفوا عن الإِراقة حتى يستكشفوا، ويستفصلوا، ويتحققوا التحريم؛ لمَّا كان قد تقرّر عندهم من النهي عن إضاعة المال.
فلما لم يفعلوا ذلك، بل بادروا إلى إتلاف الجميع علمنا أنهم فهموا التحريم ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.
وقد ذهب إلى التعميم (١) عليٌّ، وعمرُ، وسعد، وابن عمر، وأبو موسى، وأبو هريرة، وابن عباس، وعائشة.
ومن التابعين ابن المسيب، وعروة، والحسن، وسعيد بن جبير، وآخرون.
وهو قول مالك (٢)، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، والشافعي (٣)، وأحمد (٤)، وإسحاق، وعامة أهل الحديث.
قال في الفتح (٥): ويمكن الجمع بأنه من أطلق ذلك على غير المتخذ من العنب حقيقة يكون أراد الحقيقة الشرعية، ومن نفى أراد الحقيقة اللغوية. وقد أجاب بهذا ابن عبد البّر (٦).