وقال صاحب الهداية (١) من الحنفية: الخمر ما اعتصر من ماء العنب إذا اشتدّ، وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم.
قال (٢): وقيل: هو اسم لكل مسكرٍ؛ لقوله ﷺ:"كل مسكرٍ خمر"، ولأنه من مخامرة العقل، وذلك موجود في كلِّ مسكر.
قال (٢): ولنا إطباق أهل اللغة على تخصيص الخمر بالعنب، ولهذا اشتهر استعمالها فيه؛ لأن تحريم الخمر قطعيٌّ، وتحريم ما عدا المتخذ من العنب ظنيٌّ.
قال (٢): وإنما يسمى الخمر خمرًا لتخمره لا لمخامرة العقل.
قال (٢): ولا ينافي ذلك كون الاسم خاصًّا فيه، كما في النجم فإنه مشتق من الظهور، ثم هو خاصّ بالثريا. انتهى.
قال في الفتح (٣): والجواب عن الحجة الأولى: ثبوت النقل عن بعض أهل اللغة: بأن غير المتخذ من العنب يسمى خمرًا.
قال الخطابي (٤): زعم قومٌ: أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب، فيقال لهم: إن الصحابة الذين سموا غير المتَّخَذِ من العنب خمرًا عربٌ فصحاء، فلو لم يكن هذا الاسم صحيحًا لما أطلقوه.
وقال ابن عبد البّر (٥): قال الكوفيون: الخمر من العنب لقوله تعالى: ﴿أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ (٦)، قالوا: فدلّ على أن الخمر هو ما يعصر، لا ما ينبذ.
قال (٧): ولا دليل فيه على الحصر.
قال أهل المدينة، وسائر الحجازيين، وأهل الحديث كلهم: كل مسكرٍ خمر، وحكمه حكم ما اتخذ من العنب.
ومن الحجة لهم: أن القرآن لما نزل بتحريم الخمر فهم الصحابة - وهم أهل اللسان - أنَّ كلَّ شيءٍ يسمى خمرًا يدخل في النهي، ولم يخصوا ذلك
(١) في الهداية (٤/ ١٠٨). (٢) صاحب الهداية في المرجع السابق. (٣) (١٠/ ٤٨). (٤) في أعلام الحديث (٣/ ٢٠٨٩). (٥) في "التمهيد" (١٤/ ١٦٨ - الفاروق). (٦) سورة يوسف، الآية: (٣٦). (٧) أي: ابن عبد البر في "التمهيد" (١٤/ ١٦٨ - الفاروق).