مذهبه على إباحة ذلك، وكذا قال القرطبي (١)؛ وقال ابن عبد البرّ (٢): اختلف فيه عن ابن عباس (٣) وعائشة (٤)، وجاء عن ابن عمر من وجه ضعيف، وهو قول الشعبي، وسعيد بن جبير؛ يعني عدم التحريم، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَجدُ فِي مَا أُوحِىَ إِلَيَّ﴾ الآية (٥).
وأجيب بأنها مكية، وحديث التحريم بعد الهجرة، وأيضاً هي عامة والأحاديث خاصة، وقد تقدم الجواب عن الاحتجاج بالآية مفصلاً.
وعن بعضهم: أنَّ آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام؛ لأنَّه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية: أنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم فنزلت الآية: ﴿قُل لَّا أَجِدُ﴾ (٥)، أي: من المذكورات.
ويجاب عن هذا: أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٦).
قوله:(ولحوم البغال) فيه دليل على تحريمه (٧) وبه قال الأكثر، وخالف في ذلك الحسن البصري (٨) كما حكاه عنه في البحر (٩).
قوله:(والخلسة)(١٠) بضم الخاء وسكون اللام بعدها سين مهملة، وهي ما وقع التفسير به في المتن.
(١) في "المفهم" له (٥/ ٢١٥). (٢) في التمهيد (١٠/ ٣٥٠ - الفاروق). (٣) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (٨٧٠٩) عن الضحاك قال: تلا ابن عباس هذه الآية ﴿قُل لَّا أَجدُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] الآية، فقال: "ما خلا هذا فهو حلال". (٤) وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (٨٧٠٨) عن القاسم بن محمد قال: سئلت عائشة عن أكل كل ذي ناب من السباع قتلت: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾، - إلى - ﴿دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [لأنعام: ١٤٥] فقالت: قد ترى في القدر صفرة الدم. وهو أثر صحيح. (٥) سورة الأنعام، الآية: (١٤٥). (٦) "إرشاد الفحول" (ص ٤٥٤) بتحقيقي، والبحر المحيط (٣/ ١٩٥). (٧) المغني (١٣/ ٣١٩). (٨) موسوعة فقه الحسن البصري (٢/ ٦٧٧) وذكره القفال في "حلية العلماء" (٣/ ٤٠٥). (٩) البحر الزخار (٤/ ٣٣٠). (١٠) "النهاية" (١/ ٥١٧) والمجموع المغيث (١/ ٦٠٤).