قال (١): ويحتمل أن يريد بالوادي: المذهب، كما يقال: فلان في وادٍ وأنا في وادٍ، انتهى.
وقد أثنى النبي ﷺ على الأنصار في هذه الوقعة ومدحهم، فمن جملة ما قاله لهم:"لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار"(٢)، وقال:"الأنصار شعار (٣)، والناس دثار"(٤)، كما في صحيح البخاري وغيره.
قوله:(حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن)، أي: أعطاه غنائم الذين قاتلهم منهم يوم حنين.
وأصل الفيء (٥): الردُّ والرُّجوع. ومنه سمي الظلُّ بعد الزوال فيئًا؛ لأنه رجع من جانبٍ، فكان أموال الكفار سميت فيئًا لأنها كانت في الأصل للمؤمنين، إذ الإِيمان هو الأصل، والكفر طارئ [عليه](٦)، فإذا غلب الكفَّار على شيء من المال فهو بطريق التعدِّي، فإذا غنمه المسلمون منهم فكأنه رجع إليهم ما كان لهم.
قوله:(فطفق يعطي رجالًا) هم المؤلفة قلوبهم، والمراد بهم: ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا.
وقيل: كان فيهم من لم يسلم بعد كصفوان بن أمية.
وقد اختلف في المراد بالمؤلفة الذين هم أحد المستحقين للزكاة؛ فقيل: كفَّار يعطون ترغيبًا في الإِسلام.
(١) أي: الخطابي في أعلام الحديث (٣/ ١٧٦٣). (٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣١٥) والبخاري رقم (٣٧٧٩) ومسلم رقم (١٣٩/ ١٠٦١). (٣) قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ٥٢): "الشعار: بكسر المعجمة بعدها مهملة خفيفة: الثوب الذي يلي الجلد من الجسد؛ والدثار - بكسر المهملة ومثلثة خفيفة -: الذي فوقه. وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه، وأراد أيضًا أنهم بطانته وخاصته، وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم". وانظر: النهاية (١/ ٥٥٣، ٨٧٣). (٤) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٤٢) والبخاري رقم (٤٣٣٠) ومسلم رقم (١٣٩/ ١٠٦١). (٥) النهاية (٢/ ٤٠٢) والفائق (٣/ ٢٠٤). (٦) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط (ب).