قوله:(حتى يعرب عنه لسانه)، فيه دليل على أنه لا يحكم للصبيِّ ما دام غير مميز إلا بدين الإسلام، فإذا أعرب عنه لسانه بعد تمييزه حكم عليه بالملة التي يختارها.
قوله:(قِبَلَ ابن صيَّاد) بكسر القاف وفتح الموحدة: أي جهته. وابن صيادٍ اسمه صاف وأصله من اليهود. وقد اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافًا شديدًا، وأشكل أمره حتى قيل فيه كل قول.
وظاهر الحديث المذكور (١) أن النبي ﷺ كان مترددًا في كونه هو الدجال أم لا؟ ومما يدل على أنه هو الدجال ما أخرجه الشيخان (٢) وأبو داود (٣) عن محمد بن المنكدر قال: "كان جابر بن عبد الله يحلف بالله: إنَّ ابن صياد الدجال، فقلت: أتحلف بالله؟ فقال: إني سمعت عمر بن الخطاب يحلف على ذلك عند رسول الله ﷺ فلا ينكره".
وقد أجيب عن التردد منه ﷺ بجوابين:
(الأول): أنه تردد ﷺ قبل أن يعلمه الله بأنه هو الدجال، فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه.
(والثاني): أن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك وإن لم يكن في الخبر شك.
ومما يدلُّ على أنه هو الدجال: ما أخرجه عبد الرزاق (٤) بإسنادٍ صحيحٍ عن ابن عمر قال: "لقيت ابن صياد يومًا ومعه رجل من اليهود فإذا عينه قد طفيت وهي خارجة مثل عين الحمار، فلما رأيتها قلت: أنشدك الله يا ابن صياد متى [طفيت](٥) عينك؟ قال: لا أدري والرحمن، قلت: كذبت. وهي في رأسك،
(١) تقدم برقم (١٤/ ٣٢٢٨) من كتابنا هذا. (٢) البخاري رقم (٧٣٥٥) ومسلم رقم (٩٤/ ٢٩٢٩). (٣) في سننه رقم (٤٣٣١). وهو حديث صحيح. (٤) في المصنف رقم (٢٠٨٣٢) بسند صحيح. (٥) في المخطوط (ب): (طفت).