ألا أَنْعِمْ (١) صباحًا أيها الطَّللُ (٢) البالي … وهَلْ يَنْعمنْ مَنْ كانَ في العصر الخالي
وهَلْ يَنْعمنْ إلا سعيدٌ مخلَّدٌ … قليلُ الهموم لا يبيتُ [على حالِ](٣)
وقال في القاموس (٤): وخلد خلودًا دام. اهـ.
وأما بيان الجمع بين هذه الآية وما خالفها فنقول: لا نزاع أن قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا﴾ (٥) من صيغ العموم الشاملة للتائب وغير التائب بل للمسلم والكافر، والاستثناء المذكور في آية الفرقان، أعني قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ﴾ (٦) بعد قوله تعالى ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ (٧) مختص بالتائبين فيكون مخصصًا لعموم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا﴾ (٥)، أمَّا على ما هو المذهب الحقُّ من أنه يبنى العامُّ على الخاص مطلقًا: تقدَّم، أو تأخر، أو قارن فظاهر.
وأما على مذهب من قال: إن العامّ المتأخر ينسخ الخاصَّ المتقدم، فإذا سلَّمنا تأخر، قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا﴾ (٥) على آية الفرقان، فلا نسلم تأخرها عن العمومات القاضية بأن القتل مع التوبة من جملة ما يغفره الله كقوله تعالى: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (٨)، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (٩).
ومن ذلك ما أخرجه مسلم (١٠) عن أبي هريرة: "أن النبي ﷺ قال: من تاب قبل طلوع الشمس من مغربها تاب الله عليه".
(١) عم صباحًا، وأنعم صباحًا. وعم مساءً، وعم ظلامًا، كل هذا من تحيات الجاهلية لملوكها في أوقات الليل والنهار. (٢) الطَّلل: ما شخص من الآثار والديار. اللسان (١١/ ٤٠٦). (٣) كذا في المخطوط (أ)، (ب): بينما في ديوان امرؤ القيس (ص ١٢٢) وفي "الكشاف" (١/ ٢٣٤): (بأوْجَال). أوْجَال: الأمور الموجبة للخوف. والوجل: توقع المصائب. والوجل: الفزع والخوف. اللسان (١١/ ٧٢٢). (٤) القاموس المحيط ص ٣٥٧. (٥) سورة النساء، الآية (٩٣). (٦) سورة الفرقان، الآية (٧٠). (٧) سورة الفرقان، الآية (٦٨). (٨) سورة الزمر، الآية (٥٣). (٩) سورة النساء، الآية (٤٨). (١٠) في صحيحه رقم (٤٣/ ٢٧٠٣).