وذهبت العترة (١) والحنفية (٢) إلى أنه لا يعمل بقول القائف، بل يحكم بالولد الذي ادعاه اثنان لهما.
واحتج لهم صاحب البحر (٣) بحديث: "الولد للفراش" وقد تقدمَّ (٤).
ووجه الاستدلال به: أن تعريف المسند إليه واللام الداخلة على المسند للاختصاص يفيدان الحصر.
ويجاب: بأن حديث الباب بعد تسليم الحصر المدعى مخصص لعمومه، فيثبت به النسب في مثل الأمة المشتركة إذا وطئها المالكون لها.
وروي عن الإمام يحيى (٥) أن حديث القافة منسوخ.
ويجاب: بأن الأصل عدم النسخ، ومجرَّد دعواه بلا برهانٍ كما لا ينفع المدعي لا يضرُّ خصمه.
وأمَّا ما قيل من أن حديث مجزز لا حجة فيه؛ لأنَّه إنما يعرف القائف بزعمه: أن هذا الشخص من ماء ذاك، لا أنَّه طريقٌ شرعيٌّ، فلا يعرف إلا بالشرع.
فيجاب بأن في استبشاره ﷺ من التقرير ما لا يخالف فيه مخالف، ولو كان مثل ذلك لا يجوز في الشرع لقال له: إنَّ ذلك لا يجوز. لا يُقَال: إنَّ أسامة قد ثبت فراش أبيه شرعًا، وإنَّما لما وقعت القالة بسبب اختلاف اللون، وكان [قول](٦) المدلجيّ المذكور دافعًا لها لاعتقادهم فيه الإصابة وصدق المعرفة، استبشر ﷺ بذلك، فلا يصح التعلق بمثل هذا التقرير على إثبات أصل النسب، لأنا نقول: لو كانت القيافة لا يجوز العمل بها إلا في مثل هذه المتفقة مع مثل أولئك الذين قالوا مقالة السوء لما قرره ﷺ على قوله: "هذه الأقدام بعضها من
(١) البحر الزخار (٣/ ١٤٤). (٢) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (٤/ ٤٥١). (٣) البحر الزخار (٣/ ١٤٤). (٤) تقدم برقم (٢٩١٩ و ٢٩٢٠) من كتابنا هذا. (٥) البحر الزخار (٣/ ١٤٤). (٦) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).