قال (١): لأن الظاهر: أن النبيّ ﷺ اطلع على ذلك وأقره لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام، قال: وقد وردت عدةُ طرقٍ تصرِّح باطلاعه على ذلك.
وأخرج مسلم (٢) من حديث جابر قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله ﷺ، فبلغ ذلك نبيّ الله ﷺ فلم ينهنا". [ووقع](٣) في حديث الباب (٤) المذكور الإذن له بالعزل، فقال:"اعزل عنها إن شئت".
قوله:(ما عليكم أن لا تفعلوا) وقع في رواية في البخاري (٥) وغيره (٦): "لا عليكم أن لا تفعلوا"، قال ابن سيرين (٧): هذا أقرب إلى النهي.
وحكى ابن عون عن الحسن (٧) أنه قال: والله لكان هذا زجرًا.
قال القرطبي (٨): كأن هؤلاء فهموا من لا، النهي عما سألوا عنه، فكأنه قال: لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا ويكون قوله: "وعليكم" إلى آخره تأكيدًا للنهي.
وتعقب بأن الأصل عدم هذا التقدير، وإنما معناه: ليس عليكم أن تتركوا، وهو الذي يساوي أن لا تفعلوا.
وقال غيره: معنى لا عليكم أن لا تفعلوا: أي لا حرج عليكم أن لا تفعلوا ففيه نفي الحرج عن عدم الفعل، فأفهم ثبوت الحرج في فعل العزل، ولو كان المراد نفي الحرج عن الفعل لقال: لا عليكم أن تفعلوا إلا إن يدّعي أن لا زائدة، فيقال: الأصل عدم ذلك.
وقد اختلف السلف في حكم العزل، فحكى في الفتح (٩) عن ابن عبد البر (١٠) أنه قال: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرّة إلا
(١) أي الحافظ ابن حجر في المرجع السابق. (٢) في صحيحه رقم (١٣٨/ ١٤٤٠) وقد تقدم. (٣) في المخطوط (ب): (وقع). (٤) تقدم برقم (٢٧٨٨) من كتابنا هذا. (٥) في صحيحه رقم (٢٢٢٩). (٦) كابن ماجه في سننه رقم (١٩٢٦). (٧) ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ٣٠٧). (٨) في "المفهم" (٤/ ١٦٦). (٩) (٩/ ٣٠٨). (١٠) في "التمهيد" (١١/ ٣٣٥ - الفاروق).