وأجيب بأن النبيّ ﷺ إنما فعل ذلك لمخافة الفتنة لما أخرجه الترمذي (١) وصححه من حديث عليّ وفيه: "فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال: رأيت شابًا وشابة فلم آمن عليهما الفتنة".
وقد استنبط منه ابن القطان (٢) جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمرها بتغطية وجهها، [فلو](٣) لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل، ولو لم يكن ما فهمه جائزًا ما أقرّه عليه.
وهذا الحديث أيضًا يصلح للاستدلال به على اختصاص آية الحجاب السابقة بزوجات النبيّ ﷺ، لأن قصة الفضل في حجة الوداع وآية الحجاب في نكاح زينب في السنة الخامسة من الهجرة كما تقدم.
وأما قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ (٤)، فروى البيهقي (٥) عن ابن عباس أن المراد بما ظهر: الوجه والكفان.
وروى البيهقي (٦) أيضًا عن عائشة نحوه، وكذلك روى الطبراني (٧) عنها.
وروى الطبراني (٨) أيضًا عن ابن عباس قال: هي الكحل.
وروى نحو ذلك عنه البيهقي (٩).
(١) في سننه رقم (٨٨٥) وقال: حديث علي حديث حسن صحيح. وهو حديث حسن، والله أعلم. (٢) في كتابه: "النظر في أحكام النظر بحاسة البصر" (ص ١٤٧ - ١٤٨). رقم المسألة (١٩) عند الحديث رقم (٧٩). (٣) في المخطوط (أ): (ولو). (٤) سورة النور، الآية: (٣١). (٥) في السنن الكبرى (٢/ ٢٢٥) وهو أثر ضعيف. (٦) في السنن الكبرى (٢/ ٢٢٦) وهو أثر ضعيف. (٧) في المعجم الكبير (ج ٢٤ رقم ٣٧٨). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ١٣٧): "فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح". قلت: والذي لا شك فيه أن حديثه في المتابعات والشواهد لا ينزل عن رتبة الحسن. وهذا منها. (٨) لم أقف عليه. (٩) في السنن الكبرى (٢/ ٢٢٥) وهو أثر ضعيف. قلت: أخرج الطبري في "جامع البيان" آثارًا عن ابن عباس في تفسير الآية في كل أثر منها مقال: =