وقد استدلَّ أيضًا على خروج من ينتسب إلى جدِّ الأم بأنهم ليسوا بقرابة؛ لأن القرابة: العشيرة والعصبة، وليس من كان من قِبَل الأمِّ بعصبةٍ ولا عشيرةٍ وإنْ كانوا أرحامًا وأصهارًا، ولهذا قال في البحر (١): وقرابتي وأقاربي أو ذوو أرحامي لمن ولده جدُّ أبيه ما تناسلوا؛ لصرفه ﷺ سهم ذوي القربى في الهاشميين والمطَّلبيين، وعلَّل إعطاء المطلبيين بعدم الفرقة لا القرب، وهو الظاهر كما وقع منه ﷺ التصريح بذلك لما سله بعض بني عبد شمس عن تخصيص المطلبيين بالعطاء دونهم، فقال: إنهم لم يفارقوني في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، ولو كان الصَّرف إليهم للقرابة فقط لكان حكمهم وحكم بني عبد شمس واحدًا؛ لأنهم متَّحدونَ في القرب إليه ﷺ.
قوله:(أفعلُ) بضم اللام على أنه قول أبي طلحة.
قوله:([فَقَسَمَها] (٢) أبو طلحة) فيه تعيين أحد الاحتمالين في لفظ أفعل، فإنه احتمل أن يكون فاعله أبو طلحة كما تقدم، واحتمل أن يكون صيغة أمر، وانتفى هذا الاحتمال الثاني بهذه الرواية:"وذكر ابن عبد البر (٣) أن إسماعيل القاضي رواهُ عن القعنبي عن مالك فقال في روايته، فقسمها رسول الله ﷺ في أقاربه وبني عمه"، أي: في أقارب أبي طلحة وبني عمِّه.
قال ابن عبد البر (٤): إضافة القسم إلى النبي ﷺ وإن كان شائعًا في لسان العرب على معنى أنه الآمر به، لكن أكثر الرواة لم يقولوا ذلك، والصواب رواية من قال:"فقسمها أبو طلحة".
قوله:(في أقاربه وبني عمه) في الرواية الثانية: "فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب"، وقد تمسَّك به مَنْ قال: أقلُّ مَنُ يُعطي من الأقارب إذا لم يكونوا منحصرين: اثنان، وفيه نظر؛ لأنَّه وقع في رواية للبخاري (٥): "فجعلها أبو طلحةَ في ذوي رحمه، وكان منهم حسانُ وأبيُّ بنُ كعب".
فدلَّ ذلك: على أنَّه أعطى غيرهما معهما.
(١) البحر الزخار (٤/ ١٥٥). (٢) في المخطوط (أ): فقسم. (٣) التمهيد (١٦/ ٤٣٨) ط: الفاروق. (٤) التمهيد (١٦/ ٣٤٨ - ٣٤٩). (٥) في صحيحه رقم (٢٧٥٨).