وقال أبو حنيفة (١) وأصحابه: بل يؤمر استصلاحًا لا حتمًا كالشجر.
وأجيب بأن ذات الروح تفارق الشجر.
والأولى إذا كانت الدابة مما يؤكل لحمه أن يذبحها مالكها ويطعمها المحتاجين. قال ابن رسلان: وأما الدابة التي عجزت عن الاستعمال لزمنٍ ونحوه فلا يجوز لصاحبها تسييبها بل يجب عليه نفقتها.
قوله:(فأحياها) يعني بسقيها وعلفها وخدمتها، وهو من باب المجاز؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (٢).
قوله:(فهي له) أخذ بظاهره أحمد (٣) والليث والحسن وإسحاق، فقالوا: من ترك دابة بمهلكة فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخدمها إلى أن قويت على المشي والحمل [و](٤) الركوب؛ ملكها، إلا أن يكون مالكها تركها لا لرغبة عنها بل ليرجع إليها أو ضلت عنه، وإلى مثل ذلك ذهبت الهادوية (٥).
وقال مالك (٦): هي لمالكها الأول، ويغرم ما أنفق عليها الآخذ.
وقال الشافعي (٧) وغيره: إن ملك صاحبها لم يزل عنها بالعجز، وسبيلها سبيل اللقطة، فإذا جاء ربها وجب على واجدها ردها عليه ولا يضمن ما أنفق عليها لأنه لم يأذن فيه.
قوله:(بمهلكة) بضم الميم وفتح اللام اسم لمكان الإهلاك، وهي قراءة الجمهور (٨) في قوله تعالى: ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ (٩)، وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام.
(١) انظر: "البيان" للعمراني (١١/ ٢٧٣). (٢) سورة المائدة، الآية: (٣٢). انظر: "الدر المصون" (٤/ ٢٤٧ - ٢٤٨) وإعراب القرآن الكريم وبيانه للدرويش (٢/ ٤٦٢). (٣) المغني (٨/ ٣٤٧). (٤) في المخطوط (ب): (على). (٥) البحر الزخار (٤/ ٣٨٢). (٦) التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٣٧٧) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٤/ ١٥٦ - ١٥٧). (٧) البيان للعمراني (٧/ ٥٣٩ - ٥٤٠). (٨) معجم القراءات (٦/ ٥٣٢ - ٥٣٣). (٩) سورة النمل، الآية: (٤٩).