وروى البخاري (١) وأحمد (٢) وأبو نعيم (٣) عن حسّان ابن أبي سِنان البصري (٤) أحد العباد في زمن التابعين أنه قال: إذا شككت في شيء فاتركه.
ولأبي نعيم (٥) من وجه آخر أنه اجتمع يونس بن عبيد وحسان بن أبي سنان فقال يونس: ما عالجت شيئًا أشد علي من الورع، فقال حسان: ما عالجت شيئًا أهون عليَّ منه، قال: كيف؟ قال حسان: تركت ما يريبني إلا ما لا يريبني فاسترحت.
قال الغزالي (٦): الورع أقسام: ورع الصدِّيقين: وهو ترك ما لم يكن عليه بينة واضحة. وورع المتقين: هو ترك ما لا شبهة فيه ولكن يخشى أن يجر إلى الحرام. وورع الصالحين: وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال التحريم بشرط أن يكون لذلك الاحتمال موقع، فإن لم يكن فهو ورع الموسوسين.
قال (٧): ووراء ذلك ورع الشهود وهو ترك ما يسقط الشهادة، أي: أعم من أن يكون ذلك المتروك حرامًا أم لا. اهـ.
وقد أشار البخاري (٨) إلى أن الوساوس ونحوها ليست من الشبهات. فقال: باب من لم يَرَ الوساوِسَ ونحوها من الشبهاتِ.
قال في الفتح (٩): هذه الترجمة معقودة لبيان ما يكره من التنطع في الورع.
(١) في صحيحه رقم (٤/ ٢٩١ - رقم الباب (٣) - مع الفتح) معلقُا. (٢) في الزهد كما في "الفتح" (٤/ ٢٩٢) موصولًا. (٣) في "الحلية" (٣/ ١٣٨ رقم ٣٤٦١) ط: دار الكتب العلمية. (٤) قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٩٢): (ليس له في البخاري سوى هذا الموضع). (٥) في "الحلية" (٣/ ١٣٧ - ١٣٨ رقم ٣٤٦٠) ط: دار الكتب العلمية. (٦) في "إحيائه" (٣/ ٩٥ - ٩٨). (٧) أي الغزالي في المرجع السابق. (٨) في صحيحه رقم (٤/ ٢٩٤ رقم الباب (٥) - مع الفتح) باب من لم يَرَ الوساوِسَ ونحوها من الشُّبُهات. (٩) (٤/ ٢٩٥).