وقد اختلفت الأحاديث المشتملة على بيان فاضل الأعمال من مفضولها، فتارة تجعل الأفضل الجهاد، وتارة الإِيمان، وتارة الصلاة، وتارة غير ذلك.
وأحقّ ما قيل في الجمع بينهما: إن بيان الفضيلة يختلف باختلاف المخاطب، فإذا كان المخاطب ممن له تأثير في القتال وقوّة على مقارعة الأبطال قيل له: أفضل الأعمال الجهاد، وإذا كان كثير المال قيل له: أفضل الأعمال الصدقة، ثم كذلك يكون الاختلاف على حسب اختلاف المخاطبين.
قوله:(مبرور) قال ابن خالويه: المبرور: المقبول.
وقال غيره (١): الذي لا يخالطه شيء من الإِثم. ورجحه النووي (٢).
وقيل غير ذلك.
وقال القرطبي (٣): الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحجّ الذي وفيت أحكامه وقع [موافقًا](٤) لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل.
ولأحمد (٥) والحاكم (٦) من حديث جابر: "قالوا: يا رسول الله ما بر الحجّ؟ قال: إطعام الطعام، وإفشاء السلام".
قال في الفتح (٧): وفي إسناده ضعف، ولو ثبت كان هو المتعين دون غيره.
(١) أي شمر: تهذيب اللغة للأزهري (١٥/ ١٨٥). (٢) في شرحه لصحيح مسلم (٩/ ١١٨ - ١١٩). (٣) في "المفهم" (٣/ ٤٦٣). (٤) في المخطوط (ب): (موقعًا). (٥) في المسند (٣/ ٣٢٥) بسند ضعيف. (٦) في المستدرك (١/ ٤٨٣) بسند ضعيف جدًّا. قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (١٧١٨) وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (١٠٩١) عن جابر أن رسول الله ﷺ قال: "أفضل الأيمان عند الله ﷿ إيمان بالله، وجهاد في سبيله، وحجٌّ مبرور"، قلنا: يا رسولَ الله وما برّ الحج؛ قال: "إطعام الطعام وطيب الكلام". وفي إسناده طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي: متروك، التقريب (١/ ٣٧٩). وخلاصة القول: أن حديث جابر حديث ضعيف، والله أعلم. (٧) انظر: "الفتح" (٣/ ٥٩٨).