ويحتمل أن لا تفرقة، ويكون الثاني مؤكدًا للأول، وإلى الأول ذهب أكثر الحنابلة (١)، وإلى الثاني ذهب الجمهور (٢) فقالوا: المراد بقوله: "فاقدروا له"، أي: قدروا أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين.
ويرجح هذه الروايات المصرحة بإكمال [العدة](٣) ثلاثين.
قوله:(فإن غم) بضم المعجم وتشديد الميم: أي حال بينه وبينكم سحاب أو نحوه.
قوله:(فاقدروا له) قال أهل اللغة (٤): يقال: قدرت الشيء أقدِره، وأقدُره
بكسر الدال وضمها، وقدرته وأقدرته كلها بمعنى واحد، وهي من التقدير كما قال
الخطابي (٥).
ومعناه عند الشافعية (٦) والحنفية (٧) وجمهور السلف والخلف (٨): فاقدروا له تمام الثلاثين يومًا.
لا كما قال أحمد بن حنبل (٩) وغيره: إن معناه فذروه تحت السحاب، فإنه يكفي في رد ذلك الروايات المصرحة بالثلاثين كما تقدَّم.
ولا كما قال جماعة منهم: ابن شريح ومطرف بن عبد الله وابن قتيبة أن معناه قدّروه بحساب المنازل (١٠).
قال في الفتح (١١): قال ابن عبد البر (١٢): لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا.
(١) الروض المربع شرح زاد المستقنع (٤/ ٢٦٦ - ٢٦٧) والإنصاف (٣/ ٢٦٩). (٢) حلية العلماء (٣/ ١٧٨) والمجموع (٦/ ٢٧٦ - ٢٧٧) وبدائع الصنائع (٢/ ٧٨) وتبيين الحقائق (١/ ٣١٧) والإشراف (١/ ١٩٥). (٣) في المخطوط (ب): (العدد). (٤) النهاية (٤/ ٢٢ - ٢٣). (٥) في أعلام الحديث له (٢/ ٩٤٤). (٦) المجموع شرح المهذب (٦/ ٢٧٩). (٧) شرح فتح القدير (٢/ ٣١٩). (٨) قال النووي في المجموع (٦/ ٢٧٩): "وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف والخلف، معناه: قدروا له تمام العدد ثلاثين يومًا" اهـ. (٩) انظر: المغني (٤/ ٣٣١). (١٠) المجموع (٦/ ٢٧٦) والفتح (٤/ ١٢٢). (١١) في الفتح (٤/ ١٢٢). (١٢) في التمهيد (٧/ ١٥٦).