قال القاضي عياض (٣): اختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن وفي الحديث، فقال أكثرهم: هو كل مال وجبت فيه صدقة الزكاة فلم تؤد. فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز.
وقيل: الكنز هو المذكور عن أهل اللغة، ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة (٤).
وقيل: المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك.
وقيل: كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته.
وقيل: هو ما فضل عن الحاجة، ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال.
واتفق أئمة الفتوى على القول الأول لقوله ﷺ:"لا تؤدّى زكاته".
وفي صحيح مسلم (٥): "من كان عنده مال لم يؤد [زكاته](٦) مُثِّلَ
(١) أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين (ص ٨٥٥). (٢) "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ص ٧٢٧). (٣) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٣/ ٤٩٨). (٤) والمراد بالإنفاق في الآية [التوبة: ٣٤]: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ قولان: (أحدهما): إخراج الزكاة. وهذا مذهب الجمهور، والآية على هذا محكمة. وعن عبد الله بن عمر قال: وما كان من مال تؤدَّى زكاته، فإنه ليس بكنز وإن كان مدفونًا. وما ليس مدفونًا لا تؤدَّى زكاته، فإنه الكنز الذي ذكره الله ﷿ في كتابه". وهو موقوف صحيح. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٨٢) وقال: "هذا هو الصحيح موقوف". (والثاني): أن المراد بالإنفاق، إخراج ما فضل عن الحاجة. وانظر: "ناسخ القرآن ومنسوخه" لابن الجوزي (ص ٤٢٨ - ٤٣٠). وقال مكي في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص ٣١٤): "هي محكمة مخصوصة في الزكاة" اهـ. وانظر: "فتح الباري" (٣/ ٢٧٣). (٥) رقم (٢٧/ ٩٨٨). (٦) في المخطوط (ب): (ماله).