ولم يختر إسحاق (١) شيئًا على شيء، وبه قال الطبري (٢) وغير واحد منهم ابن المنذر (٣).
قال النووي (٤): ومذهب العلماء كافة أن صلاة الخوف مشروعة اليوم كما كانت، إلا أبا يوسف (٥) والمزني فقالا: لا تشرع بعد النبيّ ﷺ، انتهى.
وقال بقولهما الحسن بن زياد واللؤلؤي من أصحابه وإبراهيم بن علية كما في الفتح (٦).
واستدلوا بمفهوم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢]، وأجاب الجمهور عن ذلك بأنَّ شرط كونه ﷺ فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده.
والتقدير: بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول، كما قال ابن العربي (٧) وغيره.
وقال ابن المنيِّر (٨): الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ﴾ [النساء: ١٠١].
وقال الطحاوي (٩): كان أبو يوسف قد قال مرّة: لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله ﷺ، وزعم أن الناس إنما صلوها معه ﷺ لفضل الصلاة معه.
قال: وهذا القول عندنا ليس بشيء اهـ.
(١) قال إسحاق: كلها على أوجه خمسة أو أكثر، فأيها أخذت به أجزأك، وقول سهل يجزئ ولسنا نختار به على غيره. حكاه الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق (١/ ٩٠). (٢) حكاه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٣١) عنه. (٣) في الأوسط (٥/ ٤٤) والمغني (٣/ ٣١١). (٤) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٢٢٦). (٥) انظر: بدائع الصنائع (١/ ٢٤٢) وعيون المجالس (١/ ٤٢٢). (٦) (٢/ ٤٣٠). (٧) في "عارضة الأحوذي" (٣/ ٤٥). (٨) حكاه عنه الحافظ في الفتح (٢/ ٤٣٠). (٩) في شرح معاني الآثار (٢/ ٣٢٠).