قوله:(ما بالهم، وبال الكلاب) فيه دليل على تحريم قتل الكلاب، وقد اشتهر في السنة إذنه ﷺ بقتل الكلاب. وسبب ذلك كما في صحيح مسلم (١)"أنه وعده جبريل ﵇ أن يأتيه فلم يأته فقال النبي ﷺ: أما والله ما أخْلَفَنِي، فظل رسول الله ﷺ يومه ذلك، ثم وقع في نفسه جَرْوُ كَلْبٍ تحت فسطاط فأمر به فأخرج، فأتاه جبريل، فقال له: قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة فقال: أجل ولكنا لا نَدْخُل بيتًا فيه كَلْبٌ، فأصبح رسول الله ﷺ فأمر بقتل الكلابِ"، ثم ثبت عنه ﷺ النهي عن قتلها ونسخه.
وقد عقد الحازمي في الاعتبار (٢) لذلك بابًا وثبت عنه ﷺ الترخيص في كلب الصيد والزرع والماشية، والمنع من اقتناء غير ذلك وقال: من اقتنى كلبًا ليس كلب صيد ولا ماشية نُقص من عمله كل يوم قيراط (٣). وثبت عنه الأمر بقتل الكلب الأسود البهيم ذي النقطتين وقال: إنه شيطان (٤)، وللبحث في هذا موطن آخر ليس هذا محله فلنقتصر على هذا المقدار، وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطًا في أبواب الصيد (٥).
(١) (٣/ ١٦٦٤ - ١٦٦٥ رقم ٨٢/ ٢١٠٥) من حديث ميمونة. (٢) ص ٥٢٩ - ٥٣٣. باب الأمر بقتل الكلاب ثم نسخه. (٣) أخرج البخاري (٥/ ٥ رقم ٢٣٢٢) و (٦/ ٣٦٠ رقم ٣٣٢٤)؛ ومسلم (٣/ ١٢٠٣ - ١٢٠٤ رقم ٥٨، ٥٩، ٦٠/ ١٥٧٥). عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسولُ الله ﷺ: "من أمسكَ كلبًا فإنهُ ينقصُ كلَّ يومٍ من عَمَلهِ قيراط، إلا كلبَ حرثٍ أو ماشيةٍ". قال ابنُ سيرينَ وأبو صالحٍ عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: "إلا كلبَ غنمٍ أو حَرْثٍ أو صَيدٍ". وقال أبو حازمٍ عن أبي هريرةَ عن النبي ﷺ: "كلبَ صيدٍ أو ماشيةٍ". وأخرج البخاري (٥/ ٥ رقم ٢٣٢٣) و (٦/ ٣٦٠ رقم ٣٣٢٥). ومسلم (٣/ ١٢٠٤ رقم ٦١/ ١٥٧٦). من حديث سفيان بن أبي زُهير قال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقول: "من اقتنَى كلبًا لا يُغني عنهُ زرعًا ولا ضرعًا نقصَ كلَّ يوم من عملهِ قيراطٌ" … (٤) أخرج مسلم (٣/ ١٢٠٠ رقم ٤٧/ ١٥٧٢). من حديث جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسولُ الله ﷺ بقتلِ الكلاب. حتى إن المرأة تقدمُ من البادية بكلبِها فنقتلُهُ. ثم نهى النبي ﷺ عن قتلِهَا، وقال: "عليَكم بالأسَودِ البهيمِ ذي النُّقْطَتينِ، فإنَّهُ شيطانٌ". البهيم: الخالص السواد. (٥) الباب الأول: باب ما يجوز فيه اقتناء الكلب وقتل الكلب الأسود البهيم. رقم الحديث =