الناس زمانٌ يتباهَوْنَ في المساجد، ثم لا يعمرونَها إلا قليلًا".
قوله:(وقال أكنّ الناس) قال الحافظ (١): ووقع في روايتنا أكن الناس بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون المضمومة بلفظ المضارع من أكن الرباعي، يقال: أكننت الشيء إكنانًا أي صنته وسترته، وحكى أبو زيد كننته من الثلاثي بمعنى أكننته، وفرق الكسائي بينهما، فقال: كننته أي سترته وأكننته في نفسي أي أسررته، ووقع في رواية الأصيلي أكن بفتح الهمزة [والنون](٢) فعل أمر من الإكنان [أيضًا](٣)، ويرجحه قوله قبله "وأمر عمر" وقوله بعده "وإياك" وتُوَجَّهُ الأولى بأنه خاطب القوم بما أراد ثم التفت إلى الصانع فقال له: وإياك، أو يحمل قوله وإياك على التجريد كأنه خاطب نفسه بذلك، قال عياض (٤): وفي رواية غير الأصيلي (كن الناس) - بحذف الهمزة وكسر الكاف - وهو صحيح [أيضًا](٥)، وجوّز ابن مالك ضم الكاف على أنه من كنّ فهو مكنون انتهى.
قال الحافظ (٦): وهو متجه لكن الرواية لا تساعده.
قوله:(فتفتن الناس) بفتح المثناة من فتن وضبطه الأصيلي بالضم من أفتن وذكر أن الأصمعي أنكره وأن أبا عبيدة (٧) أجازه، فقال فتن وأفتن بمعنى.
قال ابن بطال (٨): كأن عمر فهم ذلك من رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها، وقال: "إنها ألهتني عن صلاتي".
قال الحافظ (٩): ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة.
فقد روى ابن ماجه (١٠) من طريق عمرو بن ميمون عن عمر مرفوعًا: "ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم" ورجاله ثقات إلَّا شيخه جبارة بن
(١) في "الفتح" (١/ ٥٣٩). (٢) في المخطوط (ب): [وبالنون]. (٣) زيادة في المخطوط (أ) و (جـ). (٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (١/ ٥٣٩). (٥) زيادة من المخطوط (أ) و (جـ). (٦) في "الفتح" (١/ ٥٣٩). (٧) أبو عبيدة: هو مَعْمَر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، النحوي، المشهور، كان إمامًا في الأدب واللغة، وفاته سنة ٢٠٩ هـ. (٨) في شرحه لصحيح البخاري (٢/ ٩٧). (٩) في "الفتح" (١/ ٥٣٩). (١٠) في سننه رقم (٧٤١). =