والله - عَزَّ وَجَلَّ - لا يهلك إلا بالعصيان؛ قال تعالى: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠)} [الحاقة: ١٠]، وقال تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)} [الأنعام: ١٠]، وغير ذلك من الآياتِ؛ وهي كثيرة.
[الوجه السادس: ما دعا نوح على قومه إلا بعد أن أعلمه الله أنهم لا يؤمنون.]
فهذا دعاء عليهم بعدما أعلم الله نوحًا أنهم لا يؤمنون؛ وهو قوله:{أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}[هود: ٣٦](٢).
الوجه السابع: أنَّ للآية الكريمة عدة معانٍ يصح حمل الآية على أي معنى منها.
الأول: والضلال، مستعار لعدم الاهتداء إلى طرائق المكر الذي خشي نوح غائلته في قوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)} [نوح: ٢٢] أي حُلْ بيننا وبين مكرهم ولا تزدهم إمهالًا في طغيانهم علينا إلَّا أن تضللهم عن وسائله، فيكون الاستثناء من تأكيد الشيء بما يشبه ضده (٣).
(١) تفسير الفخر الرازي (٣٠/ ١٤٢: ١٤١) بتصرف يسير. (٢) تفسير البغوي (٨/ ٢٣٣)، تفسير الخازن (٤/ ٣٤٧). (٣) التحرير والتنوير (٢٩/ ٢١١).