[الوجه الثاني: هناك حذف في الآية، والحذف من الإيجاز والبلاغة.]
وقوله:{أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} ولم يقل: يرضوهما؛ لأن المعنى يدل عليه فحذف تخفيفًا، والمعنى: واللَّه أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه.
قال الفراء: وإن شئت أردت: يرضوهما فاكتفيت بواحد؛ كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأي مختلف
ولم يقل: راضون. (٢)
قال الرضي: ويجوز: زيد وعمرو قام؛ على حذف الخبر من الأول اكتفاء بخبر الثاني، وكذا يجوز: زيد قام وعمرو على حذف الخبر من الثاني اكتفاء بخبر الأول أي: وعمرو كذلك، وفي الموضعين: ليس المبتدأ وحده عطفًا على المبتدأ إذ لو كان كذلك لقلت: قاما. (٣)
وقد يكون في الكلام حذف؛ قال ابن عطية: مذهب سيبويه أنهما جملتان، حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها، والتقدير عنده: واللَّه أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه. (٤)
إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولًا أو ثانيًا فكونه ثانيًا أولى، ومن ثم رجح أن
(١) البيت في ديوانه ص ٣١. وانظر: دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي ٢٣٨؛ سورة الجمعة، زاد المسير لابن الجوزي ٣/ ٤٢٩. (٢) معاني القرآن للفراء ١/ ٤٤٥. (٣) شرح رضي الدين الأستراباذي على كافية ابن الحاجب ٢/ ٣٥١. (٤) إعراب القرآن لابن سيده ٥/ ٢٩٠، وانظر المحرر الوجيز لابن عطية ٣/ ٥٣.