نص الشبهة: جاء في سورة التوبة الآية ٦٢: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)}، فلماذا لم يُثَنَّ الضمير العائد على الاثنين: لفظ الجلالة (اللَّه)، ورسوله؛ فيقول: أن يرضوهما؟
والرد على ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: العرب ينسبون الفعل لأحد اثنين وهو لكليهما.]
قال ابن الجوزي:(١) العرب ينسبون الفعل إلى اثنين وهو لأحدهما: {نَسِيَا حُوتَهُمَا}(الكهف: ٦١)، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ}(الرحمن: ٢٢)، وينسبون الفعل إلى أحد اثنين وهو لهما:{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، {انْفَضُّوا إِلَيْهَا}(الجمعة: ١١)، وينسبون الفعل إلى جماعة وهو لواحد:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا}(البقرة: ٧٢).
نسبة الفعل إلى أَحد اثنين وهو لهما:
قال الشاعر (وهو حسان بن ثابت):
إنَّ شَرْخَ الشباب والشَّعرَ الأسودَ ... ما لم يُعاصَ كان جنونا. (٢)
وقال آخر:
نحنُ بما عندَنا وأنت بما عندكَ ... راضٍ والرأيُ مختلِفُ. (٣)
قال الفراء: وحَّدَ (يرضوه) ولم يقل: يرضوهما؛ لأن المعنى -واللَّه أعلم- بمنزلة قولك: ما شاء اللَّه وشئتُ؛ إنما يقصد بالمشيئة قصدُ الثاني، وقوله:(ما شاء اللَّه) تعظيم للَّه
(١) المدهش لابن الجوزي ص ٣٧، وانظر كذلك المزهر للسيوطي ١/ ٢٦٤. (٢) نسبه الفراء في معاني القرآن لحسان بن ثابت ١/ ٤٤٥. الشَّرْخُ في البيت تمامُ الشباب يقول: إن مُوهةَ الشبابِ وسوادَ الشعرِ داعيانِ إلى ما يُشْبِهُ الجُنونَ. انظر المخصص لابن سيده ١/ ٦١. وعاصَ يَعاصُ عياصًا وعَوَصًا: صَعُبَ والشيءُ: اشْتَدَّ، القاموس المحيط للفيروزآبادي ص ٨٠٥. (٣) الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس ص ٥٥.