القصة المذكورة ضعيفة جدًا من هذا الطريق وهي بهذا اللفظ لا أصل لها -كما بينا في الحاشية-؛ وهذا يكفي في إسقاط الاستدلال بها، لكن ربما يقول قائل: إن علماء الإسلام أوردوها محتجين بها علي إباحة تبادل الزوجات. لكن النظر في سياق القصة يبين بطلان ذلك.
[الوجه الثاني]
والسؤال الآن: هل في هذا السياق ما يدل على الإباحة أم يدل على التحريم؟
وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن اللَّه حرم هذا، ووصفه بعد ذلك بالحمق.
[الوجه الثالث: ماذا قال العلماء عن هذا الحديث بهذا السياق بعد إيراده؟]
أورده ابن كثير بإسناد البزار، وقال بعده: ثم قال البزار إسحاق بن عبد اللَّه: لين الحديث جدًا؛ وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه، وبينا العلة فيه. (١)
وأورده القرطبي عند تفسير الآية ثم قال: وقد أنكر الطبري والنحاس وغيرهما ما حكاه ابن زيد عن العرب؛ من أنها كانت تبادل بأزواجها. قال الطبري: وما فعلت العرب قط هذا، وما روي من حديث عيينة بن حصن من أنه دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده عائشة. . . الحديث؛ فليس بتبديل ولا أراد ذلك، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول (٢). وقال الحافظ في الفتح: حديث أبي هريرة في نكاح البدل ضعيف جدًا (٣).
= على متونه، وهو بينُ الأمر في الضعفاء. وقال الخليلي في الإرشاد: ضعفوه جدًّا. وتكلم فيه مالك والشافعي وتركاه. وقال البزار: ضعيف. وذكره ابن الجارود، والعقيلي، والدولابي وأبو العرب، والساجي، وابن شاهين في الضعفاء. انظر التاريخ الكبير للبخاري (١/ ٣٩٦)، تهذيب الكمال (٢/ ٤٤٦)، تهذيب التهذيب (١/ ٢١٠)، وتقريب التهذيب (١/ ١٠٢)، والكامل في الضعفاء (١/ ٣٢٦)، والضعفاء والمتروكين للنسائي (١/ ١٩)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (١/ ١٠٢)، والضعفاء للعقيلي (١/ ١٠٢). (١) تفسير ابن كثير آية الأحزاب (٥٢). (٢) تفسير القرطبي آية (٥٢) من سورة الأحزاب. (٣) فتح الباري (٩/ ١٨٤)، عمدة القاري (٢٠/ ١٢٣).