[ثالث عشر: وقولها لأبي بكر: هلا عذرتني، وإدعاء الكاتب بذلك أن أبا بكر كان يشك فيها.]
والحق أن أبا بكر قال لها: لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ كَانَ كَثِير الاتِّبَاع لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فَأَجَابَ بِمَا يُطَابِق السُّؤَال فِي المَعْنَى، وَلأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَتَحَقَّق بَرَاءَتهَا لَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُزَكِّيَ وَلَده. وَكَذَا الجوَاب عَنْ قَوْل أُمّهَا: لَا أَدْرِي. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة الْآتِيَة:(فَقَالَ: مَاذَا أَقُول. وَفِي رِوَايَة أَبِي أُويْس، فَقُلْت لِأَبِي: أَجِبْ، فَقَالَ: لَا أَفْعَل، هُوَ رَسُول الله وَالْوَحْي يَأْتِيه)(٢). فيفهم من هذا أن أبا بكر سكت ليس شاكًا فيها، وإنما سكتط متأدبًا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومع الوحي وعملًا بقول الله تعالي {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
رابع عشر: لماذا لم تذكر الروايات إلا أربعة في حين قال الله تعالي فيهم {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}؟
والجواب من وجوه:
١ - أن أهل العصبة في اللغة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض - وعلى هذا فلا يلزم منه عدد.
٢ - أن العصبة من ثلاثة إلى عشرة، وعليه فلا إشكال.
٣ - أنها من عشرة إلى أربعين أو إلى خمسة عشر، فيكون المراد من سعى ومن ساعدهم.