بالأمن في دخولهم، فكأنه قيل لهم: اسلموا وأمنوا في دخولكم إن شاء الله. ونظيره قولك للغازي: ارجع سالمًا غانمًا إن شاء الله، فلا تعلق المشيئة بالرجوع مطلقًا، ولكن مقيدًا بالسلامة والغنيمة، مكيفًا بهما. والتقدير: ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله دخلتم آمنين، ثم حذف الجزاء لدلالة الكلام عليه، ثم اعترض بالجملة الجزائية بين الحال وذي الحال (١).
[الوجه السادس: معنى الدخول أي: الإقامة والتمكن والاستقرار.]
أي: أقيموا بها آمنين، سمى الإقامة دخولًا لاقتران أحدهما بالآخر، ويقال أيضًا: أي ادخلوا مصر تمكنوا منها واستقروا منها بعد أن دخلا عليه مصر (٢).
الوجه السابع: يوسف - عليه السلام - استقبلهم في بيت، ثم قال لهم:{ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}.
كأنه حين استقبلهم نزل في بيت هناك أو خيمة، فدخلوا عليه وضمّ إليه أبويه، ثم قال لهم:{ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}(٣).
وعلى هذا فالدخول نوعان:
قال الآلوسي: وكأنه - عليه السلام - ضرب في الملتقى خارج البلد مضربًا فنزل فيه فدخلوا عليه فيه فآواهما إليه ثم طلب منهم الدخول في البلدة فهناك دخولان: أحدهما: دخول عليه خارج البلدة، والثاني: دخول في البلدة (٤).
* * *
(١) الكشاف (٢/ ٥٠٥). (٢) تفسير الرازي (١٨/ ٢١١)، المحرر الوجيز (٣/ ٢٨١)، البحر المحيط (٥/ ٣٤١). (٣) الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٠٥)، تفسير الرازي (١٨/ ٢١١)، فتح القدير (٣/ ٨٨). (٤) روح المعاني (١٣/ ٥٧).