قيل له: علم به سليمان، ولكنه لم يعلم أنهم يسجدون للشمس، ويقال: إنه علم بها، ولكنه لم يعلم أن ملكها قد بلغ هذا المبلغ، وعلم أنهم أهل الضلالة (١).
ويقال أيضًا: وما العجب أن يعلم الهدهد شيئًا لم يعلمه سليمان - عليه السلام -؟
فإن الأنبياء لا يعلمون الغيب، وهذا غيب عن سليمان - عليه السلام -، وأيضًا ليس علم الهدهد بهذه المملكة يدل على أنه أعلم من سليمان (٢).
وقد قال موسى للخضر:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}[الكهف: ٦٦] وقد استفاد موسى من الخضر ثلاث مسائل، وهو أفضل منه (٣).
ثالثها: ألهم الله - عز وجل - الهدهد، فكافح سليمان بهذا الكلام، مع ما أوتي من فضل النبوة والعلوم الجمَّة ابتلاءً له في علمه (٤).
رابعها: أن سليمان - عليه السلام - لمّا توعد الهدهد بأن يعذبه عذابًا شديدًا أو يذبحه، إنما نجا منه بالعلم وأقدم عليه في خطابه له بقوله:{أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} خبرًا، وهذا الخطاب إنما جرأه عليه العلم، وإلا فالهدهد مع ضعفه لا يتمكن من خطابه لسليمان مع قوته بمثل هذا الخطاب لولا سلطان العلم (٥).
[الوجه الرابع: بيان مدى علم سليمان - عليه السلام -.]