و (أُمَمًا) بدل من اثنتي عشرة بمعنى: وقطعناهم أممًا؛ لأنّ كل أسباط كانت أمة عظيمة وجماعة كثيفة العدد، وكل واحدة كانت تؤم خلاف ما تؤمّه الأخرى، لا تكاد تأتلف. (١)
ويكون المعنى: وقطعناهم اثنتي عشرة فرقةً أممًا. (٢)
ونظيرُ وصف التمييز المفرد بالجمع مراعاةً للمعنى قولُ الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودًا كخافِيةِ الغراب الأسحم. (٣)
ولم يقل: سوداء. (٤)
فوصف (حلوبة) وهي مفردةٌ لفظًا بـ (سُوْدًا) وهو جمع مراعاةً لمعناها، إذ المرادُ الجمع. (٥)
[الوجه الثاني: يوجد تقديم وتأخير في الآية.]
وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديرها: وقطعناهم أسباطًا أممًا اثنتي عشرة، والأسباط: القبائل واحدها: سبط. (٦)
الوجه الثالث:(أسباطًا) بدل لا تميز.
المعنى: قطعناهم اثنتي عشرة فرقة، أسباطًا من نعت فرقة، كأنه قال: جعلناهم أسباطًا وفرقناهم أسباطًا، فيكون أسباطًا بدلًا من اثنتي عشرة؛ وهو الوجه.
(١) الكشاف للزمخشري ٢/ ١٦٨. (٢) تفسير البغوي ٢/ ٢٠٧، والمحرر الوجيز ٢/ ٤٦٥، وتفسير الرازي ١٥/ ٣٣، روح المعاني للآلوسي ٩/ ٨٧. (٣) البيت لعنترة؛ ذكره الفراء في معاني القرآن ١/ ١٣٠. قال البغدادي: يجوز وصف المميز المفرد بالجمع باعتبار المعنى كما في البيت، فإن حلوبة مميز مفرد للعدد، وقد وصف بالجمع وهو سود: جمع سوداء. خزانة الأدب: الشاهد السادس والأربعون بعد الخمسمائة، وقد عزاه إلى ابن السراج؛ انظر الأصول في النحو لابن السراج ١/ ٣٢٥. (٤) البحر المحيط لأبي حيان ٤/ ٤٠٥. (٥) الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي ٥/ ٣٥٠. (٦) تفسير البغوي ٢/ ٢٠٧، والبحر المحيط ٤/ ٤٠٦.