[الشبهة الثامنة: قالوا: إن نكاح المتعة أبيح بالقرآن، والنسخ كان بالسنة، والسنة لا تنسخ القرآن، وبأن النسخ بالسنة حديث آحاد.]
والجواب عليه من هذه الوجوه:
[الوجه الأول: نكاح المتعة أبيح بالسنة، وليس بالقرآن.]
فقد استدلوا على إباحتها بقوله سبحانه وتعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}(النساء: ٢٤)، وقالوا: هي في نكاح المتعة، وهذا ليس بصحيح؛ فإن الآية عند جمهور أهل العلم إنما هي في النكاح الشرعي، وقد قدمنا بيان ذلك فيما سبق.
قال ابن الجوزي: وقد تكلف قوم من مفسّري القُرّاء، فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلُّف لا يُحتاج إليه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز المتعة، ثم منع منها فكان قوله منسوخًا بقوله. وأما الآية، فإنها لم تتضمّن جواز المتعة. لأنه تعالى قال فيها:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}(النساء: ٢٤)، فدل ذلك على النكاح الصحيح.
قال الزجاج: ومعنى قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: عاقدين التزويج: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن. ومن ذهب في الآية إلى غير هذا، فقد أخطأ، وجهل اللغة. (٢)
(١) شرح مسلم للنووي (٥/ ٢٠١: ٢٠٢). (٢) زاد المسير (٢/ ٥٤: ٥٣).