عند عمر لشج رأسي (١). فقد تبين من هذا التحقيق أن أبا هريرة ما قال هذا الكلام ولا يصح عنه، ومما يدل على بطلانه أيضًا في الوجهين الآخرين.
[الوجه الثاني: أن أبا هريرة حدث عمر بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.]
عن ثابت بْنُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أَخَذَتِ النَّاسَ رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَاجٌّ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ لمِنْ حَوْلَهُ: مَنْ يُحدِّثُنَا عَنِ الرِّيحِ، فَلَمْ يُرْجِعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا، فبلغني الذي سَأَل عَنْهُ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَاسْتَحْثَثْتُ راحلتي حَتَّى أَدْرَكْتُهُ، فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ: أُخْبِرْتُ أَنَّكَ سَأَلتَ عَنِ الرِّيحِ، وإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ الله، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا الله خَيْرَهَا، واسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا"(٢).
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أُتِىَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ، فَقَامَ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِالله مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - في الْوَشْمِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنَا سَمِعْتُ، قَالَ مَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"لا تَشِمْنَ وَلا تَسْتَوْشِمْنَ"(٣).
[الوجه الثالث: أن عمر - رضي الله عنه - طلب الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
فقد طلب سيدنا عمر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض المسائل وقد عمل بها، وهذه بعض الأمثلة.
١ - عن حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ - رضي الله عنه - فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا كَمَا قَالَهُ، قَالَ: أنَّكَ عَلَيْهِ -أَوْ عَلَيْهَا- لجريء، قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ، ومَالِهِ، ووَلَدِهِ، وجَارهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ، وَالصَّوْمُ، والصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ، قَالَ: لَيْسَ
(١) ضعيف. أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٤٣ من طريق ابن وهب حدثني يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان أن أبا هريرة كان يقول. فيه محمد بن عجلان؛ : مدلس من الطبقة الثالثة؛ طبقات المدلسين (صـ ٤٧)، ثم إنه لم يلق أبا هريرة ففيه انقطاع. (٢) حسن. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٠٠٠٤)، أحمد في المسند ٢/ ٥١٨، البخاري في الأدب المفرد (٩٠٦) من طرق عن الزهري، حدثني ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ به. وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (٦٩٦). (٣) البخاري (٥٩٤٦).