الأول: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف.
الثاني: لم يكتب عبد الله المعوذتين؛ لأنه أمن عليهما من النسيان، فأسقطهما وهو يحفظهما، وهذا لا يدل على الإنكار.
الثالث: ظن ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به، وليستا من القرآن.
الرابع: أنه خفي عليه التواتر وأن مخالفته لا تقدح في التواتر.
الخامس: يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تتواترا عنده فتوقف في أمرهما.
السادس: أن إنكار ابن مسعود قرآنية الفاتحة والمعوذتين كان قبل علمه بذلك.
السابع: رجوع ابن مسعود عن هذا القول.
الوجه الخامس: ذكر بعض أهل العلم بعدم التسليم بصحة ما جاء عن ابن مسعود في هذا الباب.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما من القرآن الذي نزل عليه، وكان يقرأ بهما في الصلاة]
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ. (١)
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَقُودُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي نَقَبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ، إِذْ قَالَ: أَلَا تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَجْلَلْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَرْكَبْ مَرْكَبَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَشْفَقْتُ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَنَزَلَ وَرَكِبْتُ هُنَيْهَةً، وَنَزَلْتُ وَرَكِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ سورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ فَأَقْرَأَنِي - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَقُمْتَ (٢).
(١) مسلم (٨١٤). (٢) حسن. أخرجه النسائي ٨/ ٢٥٢، وابن خزيمة في صحيحه (٥٣٥) والحاكم في مستدركه ١/ ٣٦٦ من طرق عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث.