وليخرجن تفلات، ولا يخالطن الرجال، بل يكنَّ ناحية منهم. (١)
[٥ - خروج المرأة لصلاة الكسوف]
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنهما- أَنَّهَا قَالَتْ: أتَيْتُ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ -فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِيَ قَائمَةٌ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إلى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّه. فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ، أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ (٢)، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي مَاءً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الجنَّةَ وَالنَّارَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ" قَالَتْ أَسْمَاءُ: يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوْ المُوقِنُ: لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ، فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ اللَّه جَاءَنَا بالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لمُؤْمِنًا وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوْ المُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيتهما قَالَتْ أَسْمَاءُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُوُلونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ" (٣).
وفي رواية (٤): كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَفَزِعَ، فَأَخْطَأَ بِدِرْعٍ حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَتْ: فَقَضَيْتُ حَاجَتِي، ثُمَّ جِئْتُ وَدَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَائِمًا فَقُمْتُ مَعَهُ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ أَجْلِسَ، ثُمَّ أَلْتَفِتُ إِلَى الْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ فَأَقُولُ: هَذِهِ أَضْعَفُ مِنِّي فَأَقُومُ، فَرَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ خُيِّلَ إِلَيهِ أنَّهُ لَمْ يَرْكَع.
قلت: وفي الحديث دليل على جواز خروج المرأة لصلاة الكسوف، وقد بوَّب البخاري
(١) المغني ٢/ ٣٧٥.(٢) (تجلاني الغشي)، أي: علاني مرض قريب من الإغماء؛ لطول تعب الوقوف.(٣) البخاري (٨٦)، مسلم (٩٠٥).(٤) كما عند مسلم (٩٠٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute