نص الشبهة: جاء في سورة الأنبياء: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}(الأنبياء: ٣)، والقياس حذف ضمير الفاعل في (أَسَرُّوا) لوجود الفاعل ظاهرًا وهو (الَّذِينَ).
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: ورد في (الذين) عدة أعاريب تبين أنها لم تأتِ فاعلًا.
[الإعراب الأول: الرفع، وله عدة تأويلات]
الأول: قوله جل ثناؤه: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} فإنما يجيء على البدل، وكأنه قال: انطلقوا فقيل له: من؟ قال: بنو فلان، فقوله تعالى:{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} على هذا فيما زعم يونس. (١)
والمعنى المقصود من ذلك:{الَّذِينَ ظَلَمُوا} في موضع رفع بدلًا من الواو من (أَسَرُّوا) ومبينًا عن معنى الواو، والمعنى: إلا استمعوه وهم يلعبون وأسروا النجوى، ثم بين من هم هؤلاء، فكان بدلًا من الواو. (٢)
الثاني: وقيل: على حذف القول، التقدير: يقول الذين ظلموا، وحذف القول، مثل: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (الرعد: ٢٣ - ٢٤).
واختار هذا القول النحاس؛ قال: والدليل على صحة هذا الجواب أنَّ بعده: {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}(الأنبياء: ٣)(٣).
الثالث: ويجوز أن يكون رفعًا على الذم؛ على معنى: هم الذين ظلموا. (٤) أي: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هم".
(١) الكتاب لسيبويه ٢/ ٤١. (٢) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٨٣، الكشاف للزمخشري ٣/ ١٠٢، المحرر الوجيز لابن عطية ٤/ ٧٤. (٣) تفسير القرطبي ١١/ ٢٨٦، والمحرر الوجيز ٤/ ٧٤، والبحر المحيط ٦/ ٢٧٥. (٤) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٨٣، تفسير الطبري ١٠/ ٢، المحرر الوجيز ٤/ ٧٤، تفسير القرطبي ١١/ ٢٨٦، روح المعاني للآلوسي ١٧/ ٨.