قال ابن كثير: والمراد بالمكر هاهنا دعاؤهم إلى الضلالة بزخرفٍ من المقال والفعال، كما قال تعالى إخبارًا عن قوم نوح: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)} [نوح: ٢٢]. (١)
قال الطبري: تأويل قوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - مُعْلِمُه ما هو صاح بهؤلاء المتمردين عليه: سيصيب يا محمد الذي اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره صَغار يعني ذلة وهوان. (٢)
وقال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ}؛ لما كان المكر غالبًا إنما يكون خفيًا، وهو التلطف في التحيل والخديعة قوبلوا بالعذاب الشديد من الله يوم القيامة جزاء وفاقًا، ولا يظلم ربك أحدا كما قال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق: ٩].
أي تظهر المستترات والمكنونات والضمائر. وجاء في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يُنصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان"؛ والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيًا لا يطلع عليه الناس، فيوم القيامة يصير علما منشورا على صاحبه بما فعل. (٣)