آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الْآيَةَ، قَالَ: فَلَعَلَّ النَّاقِلَ وَهِمَ لِقُرْبِهَا مِنْهَا. اِنْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ اِبْن التِّين بِأَنَّهُ هُوَ الْوَاهِمُ. لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الْآيَةَ، وَهِيَ آخِر آيَةٍ ذَكَرَهَا لِقَوْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ. (١)
القول الثالث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}:
عَنْ الْبَرَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}. (٢)
قال ابن حجر: أَمَّا الْآيَة فَتَقَدَّمَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي سُورَة الْبَقَرَة، وَأَنَّ آخِر آيَة نَزَلَتْ آيَة الرِّبَا، وَيُجْمَع بِأَنَّهُمَا لَمْ يَنْقُلَاهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ عَنْ اِسْتِقْرَاء بحَسَبِ مَا اِطَّلَعَا عَلَيْهِ، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَرَادَ آخِرِيَّةً مَخْصُوصَة، وَأَمَّا السُّورَة فَالْمُرَاد بَعْضهَا أَوْ مُعْظَمهَا وَإِلَّا فَفِيهَا آيَات كَثِيرَة نَزَلَتْ قَبْلَ سَنَة الْوَفَاة النَّبَوِيَّة، وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّل بَرَاءَة نَزَلَ عَقِبَ فَتْح مَكَّة فِي سَنَةِ تِسْعٍ عَامَ حَجِّ أَبِي بَكْر وَقَدْ نَزَلَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، وَهِيَ فِي الْمَائِدَة فِي حَجَّة الْوَدَاع سَنَةَ عَشْرٍ، فَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد: مُعْظَمهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ غَالِبهَا نَزَلَ فِي غَزْوَة تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ غَزَوَات النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. (٣)
القول الرابع: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)}:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)}، قَالَ: صَدَقْتَ. (٤)
(١) فتح الباري (٤/ ٣٦٨).(٢) رواه البخاري (٤٦٥٤، ٤٣٦٤)، ومسلم (١٦١٨).(٣) فتح الباري (٨/ ١٦٧).(٤) رواه مسلم (٣٠٢٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute