[٣ - شبهة: هل الإنسان يحمل وزر الآخرين؟]
[نص الشبهة]
كيف يتفق قول الله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥]، وحديث "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة. . .". (١) مع آية: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وآية: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)}؟
والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: الأصل أنه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
الوجه الثاني: استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الوجه الثالث: العقاب أو الفتنة التي تنزل على الكل أو العامة طهرة للمؤمنين، نقمة للفاسقين.
الوجه الرابع: أن ذلك على سبيل التحذير حتى لا يكون جزاء من خالف العقوبة.
الوجه الخامس: أن الله إذا أنزل العقوبة على من أذنب ومن لم يذنب بعث كل واحد على نيته.
الوجه السادس: قد تنزل العقوبة على العوام؛ لأنهم سبب في نشر المعاصي والفتن.
الوجه السابع: الفتنة سببها الإنسان فيضر المفسد الصالح، وهي في ذلك ابتلاء للطائع والعامي.
الوجه الثامن: إن الله تعالى قد ينزل الموت والفقر والعمى والزمانة بعبده ابتداء.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: الأصل أنه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
قال ابن كثير: أي: لا يحمل أحد ذنب أحد، ولا يجنى جان إلا على نفسه كما قال تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} (٢).
(١) وتكملته "حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة". رواه أحمد (٣٨/ ٢٣٦)، والطبراني في الكبير (١٧/ ١٣٨)، وفي سنده مولى لبني عدي، وهو مجهول، وقال في مجمع الزوائد (٧/ ٢٥): رواه الطبراني ورجاله ثقات. وحسن إسناده ابن حجر (فتح الباري ١٣/ ٤)، وضعفه الألباني في الضعيفة (٣١١٠).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٢).