داخلات فيها؛ وذلك أنّ اللَّه -تعالى ذكره- أحل بقوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} للمؤمنين من نكاح محصناتهن، مثلَ الذي أباح لهم من نساء المؤمنات. (١)
[القول الثالث: لفظ الشرك في آية البقرة لا يتناول أهل الكتاب لتفريق القرآن بين أهل الكتاب والشرك.]
قال القرطبي: وقال بعض العلماء: وأما الآيتان فلا تعارض بينهما، فإن ظاهر لفظ الشرك لا يتناول أهل الكتاب؛ لقوله تعالى:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقال: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)}؛ ففرق بينهم في اللفظ، وظاهر العطف يقتضى مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وأيضًا فاسم الشرك عموم وليس بنص، وقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بعد قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} نص، فلا تعارض بين المحتمل وبين ما لا يحتمل. (٣)
قال شيخ الإسلام: قيل الجواب من ثلاثة أوجه: أن الشرك المطلق في القرآن لا يدخل فيه أهل الكتاب؛ وإنما يدخلون في الشرك المقيد. قال تعالى:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. . .}(البينة: ١)، فجعل المشركين قسمًا غير أهل الكتاب.