الوجه الثاني: الأعمال الصالحة فضل من الله، وهي سبب لدخول الجنة، ثم الدخول يكون فضلًا من الله.
قال البغوي في تفسيره:{ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} أي: بثواب الآخرة، وقيل: بمن أطاع رسول الله وأحبَّه، وفيه بيان أنهم لن ينالوا تلك الدرجة بطاعتهم، وإنّما نالوُها بفضل الله -عز وجل-. (٣)
وقال الآلوسي في تفسيره:{بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ} في الدنيا من الأعمال الصالحة، والباء للسببية وتُجُوِّز بذلك عن الإعطاء؟ إشارة إلى أن السبب فيه ليس موجبًا، وإن كان سببًا بحسب الظاهر كما أن الإرث ملك بدون كسب، وإن كان النسب مثلًا سببًا له، والباء في قوله -صلى الله عليه وسلم- على ما في بعض الكتب: "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله" وكذا في قوله -صلى الله عليه وسلم- على ما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة وجابر "لن ينجو أحد منكم بعمله" للسبب التام فلا تعارض، وجوز أن تكون الباء فيما نحن فيه للعوض أي بمقابلة أعمالكم، وقيل:
(١) البخاري (٥٣٤٩)، مسلم (٢٨١٦). (٢) البخاري (٤٥٥٧). (٣) تفسير البغوي (٢/ ٢٤٨).