وكذلك قبول الله دعاءه يدل على قربه من الله، قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} [الأنبياء: ٨٨].
الثالث: ثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - على يونس - عليه السلام - يدل على أن النهي لم يكن عامًا.
عن ابن عباس - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لا ينبغي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". (١)
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إني خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ"(٢).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ". (٣)
وأما عن قولهم أنه أقر على نفسه أنه كان من الظالمين بقوله:{إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} والظلم من أسماء الذم لقوله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود: ١٨].
فالجواب عليها من وجوه:
الوجه الأول: الظلم وضع الشيء في غير موضعه فلما وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغاضبة في غير موضعها اعترف في ذلك بالظلم لا على أنه قصده وهو يدري أنه ظلم. (٤)
الوجه الثاني: لا شك أنه كان تاركًا للفضيلة مع القدرة على تحصيل الأفضل، فكان ذلك ظلمًا. (٥)
الوجه الثالث:{إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} يريد فيما خالف فيه من ترك مداومة قومه والصبر عليهم. (٦)
(١) البخاري (٣٣٩٥)، مسلم (٢٣٧٧). (٢) البخاري (٣٤١٢). (٣) البخاري (٤٨٠٥). (٤) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/ ٢٦١. (٥) تفسير الرازي ٢٢/ ٢١٥. (٦) تفسير القرطبي ١١/ ٣٥٠.