قال ابن كثير: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} [الإسراء: ٤٤]، يقول تعالى: تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن، أي: من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه وتجِّلّه وتكبره، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته.
وقوله:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} أي: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغتكم.
وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد، وهذا أشهر القولين، كما ثبت في صحيح البخاري، عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل (١)(٢).
وقال السعدي: قوله: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ} من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجماد وحي وميت {إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} بلسان الحال ولسان المقال {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم، بل يحيط بها علام الغيوب (٣).
[الوجه الرابع: الجن من جنود سليمان - عليه السلام -.]