الصحابي، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كتم علمًا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"(١).
[الشبهة الثانية عشر: عدم الأخذ بحديث أبي هريرة إلا في حديث الجنة والنار فقط.]
ويحتجون بقول إبراهيم النخعي: لم يكونوا يأخذون من حديث أبي هريرة إلا ما كان في صفة جنة أو نار (٢).
والرد على ذلك من وجوه
[الوجه الأول: هذا الكلام مردود وغير مرضي.]
قال ابن عساكر: وقول إبراهيم النخعي هذا غير مقبول منه ولا مرضي عند من حكى له عنه فقد قدمنا ذكر من أثني عليه ووثقه (٣).
قال العجلي: وهذا القول قادح في قائله، فإن الصحابة - رضي الله عنهم - يقدح كلامهم فيمن بعدهم، ولا يقدح كلام من بعدهم فيهم، والكلام فيهم ثلمة في الإسلام (٤).
قال الذهبي: هذا لا شيء، بل احتج المسلمون قديمًا وحديثًا بحديثه لحفظه وجلالته وإتقانه وفقهه (٥).
[الشبهة الثالثة عشر: قول أبي هريرة إذا خالف القياس عند الحنفية.]
يقولون: إن أبا هريرة إذا قال بقول وخالف فيه القياس عند الأحناف، قدموا القياس على قول أبي هريرة، وقالوا: أبو هريرة ليس بفقيه، ويستندون إلى حديث المصراة.
قال: أبو إسحاق الفيروزآبادي: سمعت القاضي أبا الطيب يقول: كنا في مجلس النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة؛ فطالب بالدليل، حتى استدل بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال وكان حنفيًا: أبو هريرة غير مقبول الحديث،
(١) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (صـ ٣٠٩). (٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٥٠٧٠)، والعجلي في الثقات (٢٢٧٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٠ من طريق منصور، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٠ من طريق مغيرة، وأخرجه أيضًا ٦٧/ ٣٥٩، ٣٦٠ من طريق الأعمش، كلهم (منصور، مغيرة، الأعمش) عن إبراهيم. (٣) تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦١. (٤) الثقات للعجلي ٢/ ٤٣٣. (٥) سير أعلام النبلاء ٢/ ٦٠٩.