فهذه الآية بها خطأ نحْوي؛ إذ (الصابئون) معطوفة على منصوب (الذين آمنوا)، فكان حقها أن تنصب؛ فيقال:(والصابئين) ولكنها جاءت مرفوعة.
والرد على هذه الشبهة من وجوه:
[الوجه الأول: ما جاء عن النحاة والمفسرين في توجيه رفع (الصابئون).]
للنحاة في هذه الآية تسعة أقوال نذكر منها الآتي:
الأول: قول الخليل وسيبويه وأتباعهما من البصريين، أن (الصابئون) مرفوع على أنه مبتدأ وخبره محذوف يدل عليه خبر ما بعده: (والنصارى من آمن منهم باللَّه) -أي: أن الواو للاستئناف- قالوا: والنية فيه التأخير، أي: تأخير (والصابئون) إلى ما بعد (والنصارى)، وتقدير النظم والمعنى عندهم:(إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن منهم باللَّه واليوم الآخر فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون كذلك). (١)
ومن شواهد هذا الحذف عند العرب قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأي مختلف (٢)
فقد حذف الخبر من المبتدأ الأول، وتقديره: راضون لدلالة الثاني عليه: راضٍ، والمعنى: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض، فحذف خبر الأول اكتفاءً بالثاني. (٣)
وقول الآخر:
(١) الكتاب لسيبويه ٢/ ١٥٥، التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١/ ٢٢١، ومعاني القرآن للزجاج ٢/ ١٩٣، وشرح كافية ابن الحاجب للرضي ٤/ ٣٧١، ومغني اللبيب لابن هشام ٢/ ١٦٨. (٢) هذا البيت نسبه سيبويه في الكتاب لقيس بن الخطيم، ونسبه صاحب خزانة الأدب لعمرو ابن امريء القيس الخزرجي في قصيدة له. خزانة الأدب ٤/ ٢٧٥. (٣) الكتاب لسيبويه ١/ ٧٥.