[الوجه الثالث: يجوز وضع جمعي القلة والكثرة مكان بعضهما.]
جمع القلة هو الذي يطلق على عشرة فما دونها من غير قرينة وعلى ما فوقها بقرينة، وجمع الكثرة عكس جمع القلة، ويستعار كل واحد منهما للآخر كقوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(البقرة: ٢٢٨) في موضع أقراء. (٢)
وقد يستعار جمع الكثرة في موضع جمع القلة كقوله عز وعلا:(ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ). (٣)
قال الجاربردي في شرح الشافية بعد ما قال ابن الحاجب:(وقد يجمع الجمع) -أي: جمع تكسير وجمع تصحيح بالألف والتاء-: وأفاد بقد أنه لا يطرد قياسًا لكنه كثير في جمع القلة قليل في جمع الكثرة إلا بالألف والتاء. (٤)
[الوجه الرابع: ليس المقصود من قوله: (معدودة) جمع الكثرة.]
قال بنو إسرائيل: لن تصيبنا النار في الآخرة إلا أيامًا قليلة العدد.
قيل في معنى:(معدودة): قليلة؛ كقوله تعالى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ}(يوسف: ٢٠). (٥)
والمراد من الـ (معدودة): المحصورة القليلة، وكنَّى بالمعدودة عن القليلة لما أن
(١) أسرار التكرار في القرآن للكرماني ١/ ٣٢، وانظر كذلك بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزآبادي ١/ ٩٨. (٢) التعريفات للجرجاني ص ١٠٥، وانظر التعاريف للمناوي ص ٢٥٦، وانظر: اللمع في العربية لابن جنى ص ١٧١. (٣) المفصل في صنعة الإعراب للزمخشري ص ٢٩٦. (٤) خزانة الأدب للبغدادي ١/ ٢٠٨. (٥) التفسير الكبير للرازي ٣/ ١٥٢.