ظن هؤلاء المعترضون من خلال نظرهم في القرآن أن الله يأسف، على بعض ما وقع من الناس فقالوا: الله يشعر بالأسف، في قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)} [الزخرف: ٥٥].
والجواب عن ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: معنى الأسف.]
قال ابن منظور: الأَسَفُ: المُبالغةُ في الحُزْنِ والغَضَبِ، وأَسِفَ أَسَفًا، فهو أَسِفٌ وأَسْفان وآسِفٌ وأَسُوفٌ وأَسِيفٌ، والجمع أُسَفَاء.
وقد أَسِفَ على ما فاتَه وتأَسَّف أَي تَلَهَّفَ، وأَسِفَ عليه أَسَفًا أَي غَضِبَ.
وآسَفَه: أَغْضَبَه، وفي التنزيل العزيز:{فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}، معنى آسَفُونا أَغْضَبُونا، وكذلك قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}. (١)
[الوجه الثاني: تفسير الآية.]
قال ابن جرير الطبري: يقول الله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا} يعني بقوله: اسفونا: أغضبونا. (٢)
وقال الشيخ محمد خليل هراس: وَأَمَّا قَوْلُهُ: (فَلَمّا آسَفُونَا) .. إِلَخْ، فَالْأَسَفُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى شِدَّةِ الحزْنِ، وَبِمَعْنَى شِدَّةِ الْغَضَبِ وَالسَّخَطِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيةِ.