وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْن الْعَاصِ - رضي الله عنه - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تَلَا قَوْلَ الله - عز وجل - في إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} الآيَةَ.
وَقَالَ عِيسَى - عليه السلام -: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللهمَّ أُمَّتِى أُمَّتِى وَبَكَى. فَقَالَ الله - عز وجل -: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - فَسَأَلَهُ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَا قَالَ - وَهُوَ أَعْلَمُ -. فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ"(١).
وقال النووي: وفيه كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أُمَّته وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالحِهِمْ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ، عِظَم مَنْزِلَة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْد الله - عز وجل - (٢).
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ:"أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ:"أَرْجُو أَنْ تكُونوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ:"مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ"(٣).
قال السعدي: أي: برحمة الله لك ولأصحابك مَنَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترفقت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا} أي: سيئ الخلق {غَلِيظَ الْقَلْبِ} أي: قاسيه
(١) أخرجه مسلم (٢٠٢). (٢) شرح النووي (٢/ ٨٠). (٣) أخرجه البخاري (٣٣٤٨)، مسلم (٢٢١).