عن ابن أبي مليكة أنه سمع ابن عباس يقول: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فتكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خلفت أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ ألقَى الله بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ. وَايمُ الله إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ الله مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ أنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَر" (٣).
[الوجه الخامس: لم يأت في رواية واحدة التصريح بأن عمر هو قائل هذه الكلمة.]
إن الذي قاله عمر هو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله. (٤)
بل جاءت جميع الروايات بنسبتها إلى بعض الحاضرين في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون تحديد لأشخاصهم، قال ابن عباس:(فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ)(٥).
قال الدهلوي: من أين يثبُتُ أن قائل هذا هو عمر؛ مع أنه وقع في الروايات (قالوا) بصيغة الجمع؟ (٦)
الوجه السادس: على فرض أن عمر قال هذا فقد قاله على سبيل الشك ولم يجزم بأنه هجر والشك جائز على عمر فإنه لا معصوم إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -.