الرابع: أو على أن (الذين) مبتدأ، (أَسَرُّوا النَّجْوَى) خبره؛ قاله الكسائي، فقدّم عليه، والمعنى: وهؤلاء (أَسَرُّوا النَّجْوَى)، فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلًا على فعلهم أنه ظلم. (١)
الخامس: وأجاز الأخفش (٢) الرفع على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وهو حسن، قال اللَّه تعالى:{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}(المائدة: ٧١)، وقال الشاعر:
بك نال النضال دون المساعي ... فاهتدين النبال للأغراض (٣)
وقال آخر:
ولكن ديافي أبوه وأمه ... بحوران يعصرن السليط أقاربه (٤)
السادس: وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير؛ مجازه: والذين ظلموا أسروا النجوى. (٥)
[الإعراب الثاني]
ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: أعني الذين ظلموا. (٦) مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أعني".
الإعراب الثالث: وأجاز الفراء أن يكون خفضًا بمعنى: اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم، ولا يوقف على هذا الوجه على (النَّجْوَى). (٧)
الوجه الثاني: الواو في (أسروا) ليست فاعلًا لكنها علامة للجمع.
قال سيبوية: اعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومُك، وضرباني أخواك، فشبّهوا هذا بالتاء التي يُظهرونها في قالت فُلانة، وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامةً
(١) البحر المحيط ٦/ ٢٧٥، الكشاف للزمخشري ٣/ ١٠٢، تفسير الرازي ٢٢/ ١٤١. (٢) معاني القرآن للأخفش ٢/ ٤٤٧. (٣) البيت لأبي تمام وهو في ديوانه بشرح التبريزي ٢/ ٣١٣. (٤) البيت للفرزدق وهو في ديوانه ١/ ٤٦. (٥) تفسير البغوي ٣/ ٢٣٨. (٦) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٣٨٣، الكشاف للزمخشري ٣/ ١٠٢، تفسير الرازي ٢٢/ ١٣٠. (٧) معاني القرآن للفراء ١/ ٣١٧.