قال ابن حجر: السِّرُّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَة مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ عِنْدَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ؛ أَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ جَرَتْ عَلَى نَعْتِ أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا مِنْ تَوْجِيهِ الدَّعْوَى وَالجَوَابِ وَالشَّهَادَةِ، قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ المُنِير. وَقَالَ التوربشتي: المُرَاد مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَة اِشْتِهَارُ المَشْهُود لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ، وَكَما أَنَّ الله يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا فَكَذَلِكَ يُكْرِمُ بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ. (١)
وعن مُعَاوِيةُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: المُؤذِّنونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (٢)
قال النووى: فَقَوْله - صلى الله عليه وسلم -: "المُؤَذِّنونَ أَطْوَل النَّاس أَعْنَاقًا" هُوَ بِفَتْحِ هَمْزَة أَعْنَاقًا جَمع عُنُق، وَاخْتَلَفَ السَّلَف وَالْخَلَف فِي مَعْنَاهُ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَكْثَر النَّاس تَشَوُّفًا إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى؛ لِأَنَّ المتشَوِّف يُطِيل عُنُقه إِلَى مَا يَتَطَلَّع إِلَيْهِ. فَمَعْنَاهُ كَثْرَة مَا يَرَوْنَهُ مِن الثَّوَاب. وَقَالَ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ: إِذَا أَلجمَ النَّاسَ الْعَرَقُ يَوم الْقِيَامَة طَالَتْ أَعْنَاقهمْ لِئَلَّا يَنَالهُمْ ذَلِكَ الْكَرْب وَالْعَرَق. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ سَادَة وَرُؤَسَاء، وَالْعَرَب نِصْف السَّادَة بِطُولِ الْعُنُق. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَكْثَر أَتْبَاعًا. وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ: مَعْنَاهُ أَكْثَر النَّاس أَعْمَالًا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ (إِعْنَاقًا) بِكَسْرِ الهَمْزَة أَيْ إِسْرَاعًا إِلَى الجْنَّة، وَهُوَ مِنْ سَيْر الْعُنُق (٣).
[الوجه السادس: حال الجن - أو الروح - كما في الكتاب المقدس.]
أرواح شريرة: (لوقا ٢١: ٧). وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ.
أرواح نجسة: (متى ١: ١٠). ثُمَّ دَعَا تَلامِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ.
أرواح مضلة: (١ تيموثاوس ١: ٤): وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، (١ يوحنا ٦: ٤)
(١) فتح الباري ٢/ ١٠٦.(٢) مسلم (٣٨٧).(٣) شرح النووي ٢/ ٣٢٨: ٣٢٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute