فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينا راع يرعى بالحرة إذ انتهز ذئب شاة من شياهه، فحال الراعي بين الذئب والشاة، فأقعى الذئب على ذنبه، ثم قال للراعي: ألا تتقي الله، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي؟ فقال الراعي: العجب من ذئب مقع على ذنبه يتكلم بكلام الإنس، فقال الذئب: ألا أحدثك بأعجب مني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق، فساق الراعي شاة حتى أتى المدينة، فزوي إلى زاوية من زواياها ثم دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدثه بحديث الذئب، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس، فقال: للراعي: "قم فأخبرهم"، قال: فقام الراعي فحدثهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدق الراعي ألا إنه من أشراط الساعة كلام السباع للإنس"(٣).
وقَوْله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنِّي أُؤْمِن بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر"، أَطْلَقَ ذَلِكَ لمِا اِطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُمَا يُصَدِّقَانِ بِذَلِكَ إِذَا سَمِعَاهُ وَلَا يَتَرَدَّدَانِ (٤).
[الوجه الثاني: أن الله عز وجل لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو قادر على إنطاق كل شيء.]
إن من يتعجب أن بقرة تتكلم، أو ذئب يتكلم، لجاهل باسم الله القدير سبحانه وتعالى، واسمه القادر عز وجل.
(١) شرح النووي ٨/ ١٧٠. (٢) فتح الباري ٦/ ٥٨٠. (٣) دلائل النبوة لأبي نعيم (٢٣٤)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٢٢). (٤) فتح الباري ٦/ ٥٨١.