[الوجه الثاني: لو لم يقم نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بإبلاغ هذا العلم الذي لم يعلمه غيرهن فمن الذي يعلمه للأمة.]
وهذا أمر بالضرورة يحدث بين الرجل وزوجته ويحتاج إلى معرفة حكمه ولو كتمت كانت كأهل الكتاب الذين قال الله فيهم: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧)} [آل عمران: ١٨٧]. وحاشاها أن تكون كذلك - رضي الله عنها -.
الوجه الثالث: أن الحياء الحقيقي لا يمنع من العلم تعليمًا وتعلمًا وهو أولى بالمنع من الجهل وكتمان العلم.
فعن عائشة أن أسماء سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض؟ فقال: تأخذ إحداكن ماءها، وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة، فتطهر بها فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: سبحان الله تطهرين بها، فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تفيض عليها الماء فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. (١)
وقال البخاري: باب الحياء في العلم. وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحي، ولا مستكبر.
وقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنهعن الحياء أن يتفقهن في الدين. (٢)
وعن أم مسلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول- صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا رأت الماء.
(١) أخرجه مسلم (٣٣٢). (٢) البخاري معلقًا تحت باب الحياء في العلم.